1 قراءة دقيقة
ابن العربي في الطبقات الكبرى للشعراني

بسم الله الرحمن

ابن العربي في الطبقات الكبرى للشعراني

قال العارف بالله الإمام عبد الوهّاب الشعراني في الطبقات الكبرى: 

ومنهم الشيخ العارف الكامل المحقق المدقق أحد أكابر العارفين بالله سيدي محيي الدين ابن العربي رضي الله عنه؛ بالتعريف كما رأيته بخطه في كتاب نسب الخرقة رضي الله عنه، أجمع المحققون من أهل الله عز وجل على جلالته في سائر العلوم كما يشهد لذلك كتبه، وما أنكر عليه من أنكر إلا لدقة كلامه لا غير، فأنكروا على من يطالع كلامه من غير سلوك طريق الرياضة خوفاً من حصول شبهة في معتقده يموت عليها لا يهتدي لتأويلها على مراد الشيخ. وقد ترجمه الشيخ صفي الدين بن أبي المنصور، وغيره بالولاية الكبرى، والصلاح، والعرفان، والعلم، فقال: هو الشيخ الإمام المحقق رأس أجلاء العارفين والمقربين، صاحب الإشارات الملكوتية، والنفحات القدسية، والأنفاس الروحانية، والفتح المونق، والكشف المشرق، والبصائر الخارقة، والسرائر الصادقة، والمعارف الباهرة، والحقائق الزاهرة، له المحل الأرفع من مراتب القرب في منازل الأنس، والمورد العذب في مناهل الوصول، والطول الأعلى من معارج الدنو، والقدم الراسخ في التمكين من أحوال النهاية، والباع الطويل في التصرف في أحكام الآية، وهو أحد أركان هذه الطريق رضي الله عنه.

وكذلك ترجمه الشيخ العارف بالله سيدي محمد بن أسعد اليافعي رضي الله عنه، وذكره بالعرفان، والولاية، ولقبه الشيخ أبو مدين رضي الله عنه بسلطان العارفين، وكلام الرجل أدلّ دليل على مقامه الباطن، وكتبه المشهورة بين الناس لا سيما بأرض الروم، فإنه ذكر في بعض كتبه صفة السلطان جد السلطان سليمان بن عثمان الأول، وفتحه القسطنطينية في الوقت الفلاني، فجاء الأمر كما قال وبينه وبين السلطان نحو مائتي سنة، وقد بنى عليه قبة عظيمة وتكية شريفة بالشام فيها طعام وخيرات، واحتاج إلى الحضور عنده من كان ينكر عليه من القاصرين بعد أن كانوا يبولون على قبره رضي الله عنه. 

وأخبرني أخي الشيخ الصالح الحاج أحمد الحلبي أنه كان له بيت يشرف على ضريح الشيخ محيي الدين، فجاء شخص من المُنكرين بعد صلاة العشاء بنار يريد أن يحرق تابوت الشيخ، فخُسف به دون القبر بتسعة أذرع، فغاب في الأرض وأنا أنظر ففقده أهله من تلك الليلة، فأخبرهم بالقصة، فجاءوا فحفروا فوجدوا رأسه. كلما حفروا نزل وغار في الأرض إلى أن عجزوا، وردموا عليه التراب. 

وكان رضي الله عنه أولاً يكتب الإنشاء لبعض ملوك العرب، ثم تزهد وتعبد وساح، ودخل مصر والشام والحجاز والروم، وله في كل بلد دخلها مؤلفات، وكان الشيخ عز الدين بن عبد السلام شيخ الإسلام بمصر المحروسة يحط عليه كثيراً، فلما صحب الشيخ أبا الحسن الشاذلي رضي الله عنه، وعرف أحوال القوم صار يترجمه بالولاية والعرفان والقطبية. 

مات رضي الله عنه سنة ثمان وثلاثين وستمائة، وقد سطرنا الكلام على علومه وأحواله في كتابنا" تنبيه الأغبياء على قطرة من بحر علوم الأولياء"، فراجعه، والله تعالى أعلم.


* ترجمة ابن العربي كما جاءت في كتاب عبد الوهّاب الشعراني، الطبقات الكبرى: المسمّى لواقح الأنوار القدسيّة في مناقب العلماء والصوفيّة، تحقيق وضبط: أحمد عبد الرحيم السايح، توفيق علي وهبة، الجزء الأول، القاهرة: مكتبة الثقافة الدينية، 2005، ص 329 – 330).

تم عمل هذا الموقع بواسطة