بسم الله الرحمن الرحيم
وصية
(عليكم بذكر الله في السرّ والعلن)
الشيخ الأكبر ابن العربي
عليكم بذكر الله في السرّ والعلن، وفي أنفسكم وفي الملأ، فإن الله يقول "فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ"، فجعل جوابَ الذكرِ من العبد: الذكرَ من الله، وأي ضرّاء على العبد أضرّ من الذنب، وكان يقول صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في حال الضرّاء "الحمد لله على كل حال"، وفي حال السرّاء "الحمد لله المنعِم المفضِل".
فإنك إذا أشعرتَ قلبك ذكر الله دائماً في كل حال، لا بد أن يستنير قلبك بنور الذكر، فيرزقك ذلك النور الكشف، فإنه بالنور يقع الكشف للأشياء، وإذا جاء الكشف جاء الحياء يصحبه، دليلك على ذلك: استحياؤك من جارك، وممن ترى له حقاً وقدراً. ولا شك أن الايمان يعطيك تعظيم الحقّ عندك، وكلامنا إنما هو مع المؤمنين، ووصيّتنا إنما هي لكل مسلم مؤمن بالله وبما جاء من عنده.
والله يقول في الخبر المأثور الصحيح عنه الحديث وفيه "وأنا معه"، يعني مع العبد "حين يذكرني، إن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ، ذكرته في ملأ خير منهم". وقال تعالى "والذَّاكِرِينَ الله كَثِيراً والذَّاكِراتِ"، وأكبر الذكر ذكر الله على كل حال.
* الفتوحات المكّية، الباب 560.